الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف
.الِاسْتِنْجَاءُ مِنَ الْبَوْلِ: .ذِكْرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ الْحِجَارَةِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَرْجُو أَنْ يَجْزِيَ مَا قَالُوا، وَلَيْسَ فِي النَّفْسِ شَيْءٌ إِذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَأَنْقَى، فَإِنِ اسْتَنْجَى بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَلَمْ يُنْقِ زَادَ حَتَّى يُنْقِيَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يَجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الِامْتِسَاحِ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُبْقِ أَثَرًا قَائِمٌا، فَأَمَّا أَثَرٌ لَاصِقٌ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْمَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِنْقَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَهَدَ لَمْ يُنْقِهِ بِغَيْرِ مَاءٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ. .ذِكْرُ مَنِ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ وَاحِدٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ: «لَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَكُلُّ مَا أُمِرَ النَّاسُ بِعَدَدِ شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلَا يَجْزِي أَنْ تُرْمَى الْجَمْرَةُ بِأَقّلِّ مِنْ سَبْعِ حَصَيَاتٍ مَعَ أَنَّ قَوْلَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَغْنًى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا تَأْوِيلَ لِمَا قَالَ: «لَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» لِمُتَأَوِّلٍ مَعَهُ. .ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَا: 316- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَيُعَلِّمُكُمْ حَتَّى يُعَلِّمَكُمُ الْخِرَاءَةَ، قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ، إِنَّهُ نَهَانَا عَنِ الرَّوْثِ وَالْعِظَامِ. 317- حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمُ مِثْلُ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ» وَكَانَ يَنْهَانَا عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِشَيْءٍ مِمَّا نَهَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، وَلَا بِمَا قَدِ اسْتُنْجِيَ بِهِ مَرَّةً إِلَّا أَنْ يُطَهَّرَ بِالْمَاءِ، وَيَرْجِعُ إِلَى حَالَةِ الطَّهَارَةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا يُسْتَنْجَى، لَا يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، وَلَا رَجِيعٍ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْتَنْجَى بِمَاءٍ قَدِ اسْتُنْجِيَ بِهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِعَظْمٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُسْتَنْجَى بِعَظْمِ ذَكِيٍّ، وَلَا مَيِّتٍ؛ لِلنَّهْىِ عَنِ الْعَظْمِ مُطْلَقًا، وَلَا بِحِمَمِهِ. 318- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ وَقَالَ: «ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَسْتَنْجِي بِهِ، وَلَا تَقْرَبَنَّ حَائِلًا، وَلَا رَجِيعًا»، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: أَمَّا الرَّوْثُ فَرَوْثُ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الرِّمَّةُ فَإِنَّهَا الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالرَّمِيمُ مِثْلُ الرِّمَّةُ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {قَالْ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] فَأَمَّا الرَّجِيعُ فَقَدْ يَكُونُ الرَّوْثُ وَالْعَذِرَةُ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ رَجِيعًا؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى بَعْدَ أَنْ كَانَ طَعَامًا، أَوْ عَلَفًا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. .ذِكْرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ: 320- حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا، وَقَضَى حَاجَتَهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْغَرِنَا بِدَلْوِهِ أَوْ مَيْضَاةٍ، فَأَخَذَهَا، ثُمَّ جَاءَ وَقَدِ اسْتَنْجَا بِالْمَاءِ. .ذِكْرُ خَبَرٍ دَلَّ عَلَى فَضْلِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّهُ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَثْنَى عَلَى فَاعِلِيهِ، قَالَ اللهُ: {لِمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] وَلَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ، وَلَوْ جَمَعَهُمَا فَاعِلٌ فَبَدَأَ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ الْمَاءَ كَانَ حَسَنًا، وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ يَجْزِيهِ. .ذِكْرُ مَسْحِ الْيَدَيْنِ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ: 323- حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، ثنا مُعَاذٌ، ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وُضِعَ لَهُ الْأُشْنَانُ فَالَّذِي اسْتُحِبَّ لِمَنِ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ بِأُشْنَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ يَضْرِبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ لِلنَّظَافَةِ وَلِإِزَالَةِ الرِّيحِ إِنْ بَقِيَتْ فِي الْيَدِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ، وَلَا مَآثِمَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَقَوْلُ مَيْمُونَةَ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمَالِهِ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ. .ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ: .ذِكْرُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ: وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ: «الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي». 326- حَدَّثَنَا، إسحاق عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. .ذِكْرُ مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلطَّهُورِ: 327- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَبُو رَيْحَانَةَ، ثنا سَفِينَةُ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ مِنَ الْمَاءِ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ أَخْبَارًا سِوَى هَذَا الْخَبَرِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ، وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. .ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِأَقَلَّ مِنَ الْمُدِّ مِنَ الْمَاءِ وَالصَّاعِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي اغْتِسَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي زَمَانِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّئُونَ فِي الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ، دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْوُضُوءِ، وَالِاغْتِسَالِ بِأَقَلَّ مِنَ الصَّاعِ وَالْمُدِّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ إِذَا كَانَ هَكَذَا فَأَخْذُهُمُ الْمَاءَ يَخْتَلِفُ وَإِذَا اخْتَلَفَ أَخْذُهُمُ الْمَاءَ دَلَّ عَلَى أَنْ لَا حَدَّ فِيمَا يُطَهِّرُ الْمُتَوَضِّئَ وَالْمُغْتَسِلَ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا الْإِتْيَانُ عَلَى مَا يَجِبُ مِنَ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ أَخْذُ النَّاسِ لِلْمَاءِ. وَقَدِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّ مِنَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ، وَالصَّاعَ فِي الِاغْتِسَالِ غَيْرُ لَازِمٌ لِلنَّاسِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَقَدْ يَرْفُقُ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ فَيَكْفِي، وَيُخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِي، وَصَدَّقَ الشَّافِعِيُّ هَذَا النَّصَّ، قَالَ: مَوْجُودٌ مِنْ أَفْعَالِ النَّاسِ. .الِاقْتِصَادُ فِي الْوُضُوءِ وَتَرْكُ التَّعَدِّي فِيهِ:
|